الكاتب امل الدرع
سيد الحزن
يسمونني " سيد الحزن " ،
حسنا ، لا يبدو الاسم لطيفا ، لكنه لا يزعجني على أية حال ..
ليس لديَّ مشروع للفرح .. لست مهتما ؟
قد يكون الحزن ما لا أرى ؟! ..
مهنتي : ما يشبه الهروب ..
الكتابة هروب جميل ينتهي بالتورط في الحضور ..
يتعبني الآخرون .. لا أكرههم ؟
أكتب …
تغريني الوحدة بالغياب في زمن أحبه إلى زمن لا أراه ؟
قد نعجز عن رؤية ما لا نطيق ؟ !
وقد نهرب من صدق ما نرى ؟ !
أكتب ..
أستعيد ذاكرتي /أحيانا/ ..
نور خافت ، مكتب في الجهة التي لاتهم أحدا ، فنجان قهوة فارغ ، وأوراق ضجرة من بياضها
(يا عزيزي : عندما كنت " عزيزا علي " ..
كنا نلعب ، نتسلى بالحيل على زمن ، لم يكن للفرح الدائم ،
لكنه فرح !
تراب ، حكايات صغيرة ، ضحكات مترامية في الأطراف ، ومدافع لم نكن نراها ، لكنها كانت مقصودة !!
كنا نتسابق .. نجري ، ونجري ..
أقسمنا أن نهزم الحزن باللعب والجري ..
الحزن يتيه في الجري .. وفي اللعب .. كنا نقول !
أطفال اليوم لا يلعبون ! )
أكتب ..
صباح بارد ، لا أحلام في قهوته ..
أشعل مدفأة لا تشتعل ، تتسرب الحرارة من رأسي ،
تبني الأوهام ما لا تبنيه الأفعال !
أكتب ..
أستعير فرحا من أقصى حدود الغور ، في الزوايا الأكثر ضياءً ، هناك حيث كان الفرح لا يخضع للمساومة ..
أكتب ..
( يا عزيزي عندما كنت " عزيزا علي "
كانت السنين تمر
والحزن يمر ،
لم يكن في انتظار أحد ..
الحزن الآن .. صار ختم هوية ،
الوجه الأقل عبوسا يثير شبهة ما ! )
أكتب ..
فنجان القهوة يحبو إلى الورق ، يسيح دما فاسدا ،
أغرق في بركة دم قلقة ..
أختنق .. أبصق ..
أكتب ..
( يا عزيزي حينما كنت "لا تزال عزيزا علي " ،
لم تكن تغريك لعبة الإمتلاء ،
والاحتماء بكرسي !
رددتَ في معراج الحزن : سأظل " صعلوكا " لن أبيع حريتي لأحد !
تعاهدنا أن لا نخسر أملا من أجل إرضاء التقارير الفوقية !
والتعاليم الفوقية !
القلب / لا الجيب مصدر الأحداث ،
والأفعال تبرير لا أكثر !
الألم دليل على الحياة ،
حياة القلب
ومن سلم قلبه
سلمت يداه )
أكتب..
الأوراق تختنق.. تتقيأ الكلام، تعبّر عن تذمرها أجراسا وفقعات، تنوح طويلا..
أكتب..
أحيانا لأنسى،
لا أنتهي،
أعبر إلى ما أحب!
بعيدا عن السياسة،
لا أكتب عن أصحاب الخطب الرسمية،
متعهدي "البطاقات الجليلة"، واللصوص "بربطات العنق"،
لا دخل لي فيما يكسبه الآخرون!..
(يا عزيزي لم تعد عزيزا علي،
أصبحت كبيرا،
تكرس اسمك للعناوين العريضة، والأرقام المهمّة في البنوك!
تعرفك الجرائد والفاتنات..و..
وقتك للريح التجارية..
تعبر إلى ما تشاء!
تليق بك ربطات العنق،
لولا أن صدرك شاسع!
لم تنس أن تربي بوقا أليفا، يضخمك مملوك إحسان! !(
أكتب..
أحتاج إلى أيام بلا ضجيج،
وحزن لا يستعير ألم الآخرين ليبرر وجوده،
إيلامه الفاضح،
إنّه حزن غبي!
طفل، يقايض أيامه بالتسكع على الجراح والطرقات
يعبئ أتعابه في أكياس الحلوى وعلب "الشينغوم"
طاولة سجائر تنهك براءته..
عجوز يعرض السلع وأحزانا تشيخ لمارة عبسين
والشرطة تحرس ما يباع، الرخص، الوجوه،
وتحرس الأفكار أيضا!
أكره هذا الحزن الذي يسوّغ للجميع تساريح تطبيع لا يعارضه أحد،
مجانين بالجملة،
قتلى في حلل رسمية،
نساء بلا منازل،
وموتى ضجرون من عظامهم!
أكتب..
توثب الأوراق على الكلام..
الكلام يطبق على عنقي أحرفا من حديد
- خذ حزنك الذي لا يشبه أحدا!..
- اذهب إلى ما ترى!
- ولا تكتب ما لا تطيق!